بقلم شدان أبو يعقوب : اعمل خير وتصوّر معه
اعمل خير وتصوّر معه
![]() |
بقلم شدان أبو يعقوب : اعمل خير وتصوّر معه |
تعارف العرب الاعلامية : صورني وأنا ساجد، صورني صورة كلها خشوع، صورني وأنا بعمل خير، صورني وأنا بقدم صدقات، صورني وأنا عامل فطور جماعي للفقراء! كثيرة هي تلك الصور على مواقع التواصل الاجتماعي، والمتتبع لهذه المواقع خاصة في شهر رمضان المبارك يشاهد مجموعة من الصور لأعمال الخير تشمل العبادات وموائد إفطار المساكين، أو صور توزيع الطرود على الفقراء مما يؤذي مشاعرهم ويشعرهم بالنقص، فهنا صورة لامرأة غطت وجهها بحجابها عن عدسات الكاميرا وهي تستلم بعض الحاجيات لأطفالها، وصورة ثانية لرجل اكتسى الإحراج وجهه وهو يستلم من إحدى المقتدرين سلة غذائية، وثالثة لفتاة
يتيمة ذات وجه بريء واراه الخجل والألم لحظة استلامها مساعدة مالية، وهناك صورة لشاب خاشع ساجد وكأن قلبه امتلئ بالإيمان والتقوى، وأخرى لمسؤول يقدم الصدقات للمحتاجين وهو يرسم ابتسامة واسعة على ثغره.
فبل الانتشار الهائل لمواقع التواصل الاجتماعي كان من يتصدق ويعطي لا يجعل شماله تعلم ما أنفقت يمينه، أما الآن ومع وجود العالم الافتراضي تجد أن كل سكان الكرة الأرضية يعلمون أن محمد تبرع بدينار ليتيم، أما أحمد فقد قام بعمل مائدة إفطار
للفقراء، بينما محمود رجل تقي زاهد خاشع يخاف الله، لكن هناك مفارقة كونية وتناقض ظاهري ما بين العالم الافتراضي والواقع، فما أكثر الخير والإيمان والإنسانية على مواقع التواصل الاجتماعي وما أندره على أرض الواقع.
الرياء والمن بالصدقات
نَهَى الله سبحانه وتعالى عِبَادَهُ عَنِ الرياء واعتبره شرك أصغر فقد قال في كتابه العزيز "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاَةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا قَلِيلا" (النساء،142) فالرياء منكر من أعمال المنافقين
وهو أَن يقصد الإنسان بأعمال البر كالصوم والصلاة وَقراءة القرءان والحج والزكاة والصدقات والإحسان إلى الناس مدح الناس وثنائهم عليه، فهو لا يريد بذلك رضى الله ولا ثوابا بالآخرة.
أما الـمن بالصدقة فقد اعتبره الله تعالى من كبائر الذنـوب ونهى عنه وقال في كتابه العزيز "الذينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ* قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ
يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ " (سورة البقرة262، 263، 264)
الفقراء أنفسهم عزيزة، فلا تجعلوهم عرضة لأمراضكم وتضعوهم في موقف محرج وتذلّوهم بفضحهم ونشر صورهم من أجل مدحكم والثناء عليكم، ساهموا في إسعادهم ونشر
البسمة على شفاه أطفالهم من خلال تقديم يد العون لهم ولكن دون إيذاء مشاعرهم.
بقلم: شدان أبو يعقوب
ليست هناك تعليقات :