تسمية 1

الرصاصة الغادرة واستشهد عريف الحُب - سعير - الخليل

الرصاصة الغادرة واستشهد عريف الحُب - سعير - الخليل 

الرصاصة الغادرة واستشهد عريف الحُب - سعير - الخليل 


تعارف العرب الاعلامية : عندما دخلنا مقبرة الشهداء في بلدة سعير تأثرت وحاولت أن أخفي دموعي فالتفت للوراء لأجد أخ شهيد يصرخ ويبكي على شهيد ليس بأخيه ويقول له بصوت منسي وضعيف من شدة التعب "دير بالك على عريف الحب يا رائد"، بهذه الكلمات بدأ الزميل الصحفي ساري جرادات سرد حكاية شقيقه الشهيد عريف شريف جرادات لـ "بوابة الهدف الإخبارية".

الشهيد عريف جرادات (23 عاماً) والملقب بـ "حُب"، ولد وترعرع منذ نعومة أظافره بين أزقة وشوارع بلدة سعير بمدينة الخليل، في أحضان أسرةٍ مناضلة قضى أفرادها ما مجموعه (16 عاماً) في سجون الاحتلال.

الرصاصة الغادرة

"مساء يوم الرابع من مايو الماضي، وبعد تناولنا طعام العشاء رفقة والدنا أنا والشهيد عريف، سمعنا صوت صفّارات قريبة من منزلنا" يصف الزميل ساري ما حدث في اللحظات الأخيرة قبل إصابة الشهيد عريف جرادات.

يلجأ الشبّان في بلدات وقرى الضفة المحتلة، التي تعاني من الاقتحامات المستمرة لجنود الاحتلال، إلى إصدار صفّارات إنذار بوجود خطر، وذلك تنبيهاً لأهالي البلدة.

وما كان من الشهيد عريف إلا أن يلبي نداء رفاقه في الحي، إذ نهض ثائراً، وركض باتجاه الباحة الخلفية للمنزل، ليفاجئ بقنابل الغاز التي أطلقها جنود الاحتلال المتواجدين في المنطقة، وما هي لحظات حتى اخترقت رصاصة حية من النوع المتفجر بطن الشهيد عريف، حتى خرجت من الظهر.

يشار إلى أن الشهيد عريف من ذوي الإعاقة "متلازمة داون"، وعند قيام جيش الاحتلال باقتحام البلدة لم يكن هناك أي مواجهات مع الشبان.

"ذهبنا خلف عريف لإرجاعه للمنزل لكنه كان ملقىً على الأرض بعد اطلاق الجيش النار عليه، جنود الاحتلال أوشكوا على سحب عريف للخلف ليتم أسره، لكن وبعد محاولات عدة أوضحنا لهم أنه مُصاب بـ"متلازمة داون"، وفي الطريق الى المشفى أعاق الجنود مرور سيارة الإسعاف قرابة الـ(20 دقيقة) حتى وصلنا للمشفى" يكمل ساري جرادات.

يذكر أن المستشفى الأهلي بالخليل أجرى عملية للشهيد عريف استمرت نحو (6 ساعات) متواصلة، وتم تحويله لقسم العناية المكثفة لمدة أسبوع، حتى أصبح تحت الرعاية والمراقبة مدة ثلاثة أسابيع، ومن ثم غادر عريف المشفى الى بيته في البلدة.

يضيف شقيق الشهيد "خرج عريف من المشفى ومارس حياته اليومية بشكلٍ طبيعي، فتبين لاحقاً أن لديه وجع في منطقة البطن، وبعد تحويله للمشفى مرة أخرى، بينت الفحوصات وصور الأشعة أن هناك التصاق في الأمعاء والشرايين، فتم إعطاؤه اللازم من الأدوية، لكن دون جدوى".

#حب_استشهد

يوم التاسع عشر من شهر يوليو الجاري، يكمل شقيق الشهيد "كانت عقارب الساعة تقترب من السادسة مساءًا، تلقينا اتصالاً من أخي عرفات الذي كان ملازماً لعريف في المشفى مفاده أن وضع عريف الصحي في تدهورٍ ملحوظ، توجهنا مباشرة للمشفى في المدينة وكان جميع الأطباء داخل الغرفة مع عريف، حاولت الدخول للغرفة لمشاهدة عريف لكنهم أجابوني بالرفض، خرج أحد الأطباء بعد أقل من خمسة دقائق.. "كيف عريف يا دكتور؟.. ليُجيب الأخير، بعد أن وضع يديه على كتفيّ ساري قائلاً: عريف شهيد إرفع راسك.. الله يرحمه".

#شهيد_الوحدة

في صباح اليوم التالي، تجهزت سعير بكل ما فيها من بشر، وحضر من حضر من الأصدقاء والرفاق في باقي المدن الفلسطينية، ومن ثم انطلق موكب التشييع من المستشفى الأهلي في المدينة، وصولاً لمنزل عائلته لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة على الجثمان، والصلاة عليه في مسجد سعير الكبير، قبل أن يوارى الثرى في مقبرة الشهداء.

يشار أن عائلة الشهيد تنتمي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، لكن الحضور في موكب التشييع  وبيت العزاء شكّل لوحةً فنيةً وطنية من كافة أطياف وألوان الشعب الفلسطيني، حتى أن القوى الوطنية والإسلامية في بلدة سعير زفّت الشهيد وأطلقت عليه لقب #شهيد الوحدة.

وبإصبع السبابة تشير والعينين براقتين.. "دايماً كان يقلّي يما بدي أروح شهيد عالبلد.. شهيد عالبلد يما"، هذه الحروف قالتها أم الأسرى ووالدة الشهيد الملقب بـ "حُب".

جدير بالذكر أن الشهيد عريف، شارك في تشييع جميع شهداء بلدة سعير خلال "انتفاضة القدس" المندلعة حالياً منذ بداية أكتوبر 2015، والبالغ عددهم (13 شهيداً) قضوا برصاص الاحتلال.

يكمل الزميل ساري وهو مراسل "بوابة الهدف الإخبارية" في محافظة الخليل، "تميز عريف بمظهره وبساطته وحسن خلقه مع الجميع في البلدة، ولديه روح وطنية اندفاعية، حتى أنه يوم خروجه من المشفى بوضعٍ صحي حرج، أصرّ على المشاركة في استقبال الأسير المحرر رياض جرادات، ولم يهدأ له بال حتى خرج من نافذة السيارة، وقام بمصافحة الأسير قبل العودة الى البيت، وقبل يومين من استشهاده ذهب برفقتنا للتعزية بوفاة أحد الأصدقاء من البلدة".

وفي تصريحٍ له، دعا محافظ الخليل، كامل حميد، خلال مشاركته في موكب التشييع، المؤسسات الحقوقية والإنسانية، خاصة تلك التي تعنى بحقوق ذوي الإعاقة، إلى فتح تحقيق في ظروف استشهاد عريف جرادات.

حُب ساري الشقيق، لعريف الشهيد كان واضحاً من خلال تقطع كلماته وانحباس أنفاسه خلال الاتصال الهاتفي مع "بوابة الهدف"، إذ يُكمل "قبل زواجي لم يكن يفارقني حُب حتى في نومي، وأقولها مراراً وتكراراً إن حب عريف تغلّب على حبي لأمي وزوجتي وطفلي هادي".

بساطة الشاب عريف أجبرت الجميع على حبه، حتى أن بعض رفاق دربه من ذوي الإعاقة بكوه بحرقة، خلال تشييعه ودفنه في مقبرة البلدة كصديقيْه منتصر ووسام.

أقارب الشهيد عريف في العاصمة الأردنية عَمان، أقاموا بيت عزاء في العاصمة، لعدم تمكنهم من الحضور الى الضفة المحتلة، كما وأقيم في ايطاليا بيت عزاء للشهيد من قبل الاصدقاء والمتضامنين مع القضية الفلسطينية هناك".

كلمة السر

وعن سر اللقب "حُب" يوضح ساري "حُب كانت كلمة السر بيننا، يناديني بكلمة حُب فأرد بكلمة حُب، ولد عريف في يوم 28-11-1993، وأنا ولدت في يوم 28-11-1986، فلم تأتِ كلمة حُب من فراغ، تمنيت لو أن عريف هو الذي دفنني، وليس العكس".

المصدر : غزة _ أحمد بدير _ خاص بوابة الهدف

ليست هناك تعليقات :

المرجو الانتظار قليلا سوف يتم التوجيه الى المدونة الجديدة وشكرا المرجو الانتظار قليلا سوف يتم التوجيه الى المدونة الجديدة وشكرا

تسمية 2

تسمية 3

تسمية 4